Research 1 Research 2 Research 3

نُراجع في المركز عشرات المناقصات والعقود سنويًا في مجال العمل الاستشاري بقطاعات التنمية والعمل الإنساني وحقوق الإنشان. وتُستخدم في كثير من هذه الدعوات لغة الشراكة والعدالة والرعاية، لكن الشروط التعاقدية التي نطّلع عليها تكشف مرارًا صورة مختلفة: صورة تعبّر بوضوح عن ثقافة الحوكمة داخل المؤسسة، أكثر مما تعبّر عنه القيم المعلنة.

تعكس العقود، من خبرتنا، فهم المؤسسات للسلطة، وكيفية توزيع المخاطر، وطريقة تقييم المعرفة والعمل، وكيفية التعامل مع مَن يمتلكن ويمتلكون حماية مؤسسية أقل. ولا تُظهر العقود ما تصرّح به المؤسسة فحسب، بل ما تمارسه فعليًا.

يقدم هذا النص تأملات من عمل المركز الاستشاري، ويوضح كيف تعمل العقود كمؤشر مبكر على الثقافة المؤسسية، ولماذا يحتاج المستشارون والمستشارات والشركات الصغيرة إلى اتخاذ قرارات استراتيجية عند تقييم فرص التعاقد.


📘 ١. حماية الملكية الفكرية أو استخراجها: أي نموذج تعكسه العقود؟

تُمثّل الملكية الفكرية في عمل المركز نتاج سنوات من البحث والممارسات النسوية التقاطعية. ومع ذلك، تظهر في العقود التي نراجعها بنود تطلب:

  • نقلًا كاملًا للملكية الفكرية

  • ملكية أدوات سبقت التعاقد

  • حق استخدام غير محدود ودون نسب المعرفة إلى أصحابها وصاحباتها

تحوّل هذه المطالب العلاقة من تعاون إلى استخراج معرفة.

وتُظهر خبرتنا أن المؤسسات التي تعتمد هذا النموذج غالبًا ما تعاني من مشكلات أعمق تتعلق بالسلطة وملكية المعرفة والممارسات الأخلاقية. وهنا يبرز سؤال أساسي:
هل تسعى المؤسسة إلى الخبرة، أم إلى امتلاك نتاج عملنا ذاته؟


⚖️ ٢. إعادة توزيع المخاطر: كيف تُحمِّل العقود المسؤولية للأفراد؟

يتكرر في العقود التي نراجعها فرض مسؤولية غير محدودة على المستشارين والمستشارات، وتشمل:

  • خروقات البيانات

  • مشكلات الامتثال أو الضرائب

  • نزاعات الملكية الفكرية

  • الخسائر التبعية" بصياغات فضفاضة

تعكس هذه البنود، بالنسبة للمؤسسات الكبرى، نهجًا وقائيًا، لكن بالنسبة للأفراد والشركات الصغيرة قد تكون ذات تبعات خطيرة.

وتُظهر تقييمات الحوكمة التي ننفذها أن المؤسسات التي تنقل المخاطر إلى الأسفل غالبًا ما تعتمد أنماطًا هرمية تضعف المشاركة والمسؤولية المشتركة. لذلك يصبح السؤال:
هل يوزّع العقد المخاطر بعدالة، أم يتم استخدام المستشارين والمستشارات كدرع مؤسسي؟


🧩 ٣. كشف العمل غير المرئي: كيف تُطبع العقود العمل غير المدفوع؟

تتضمن عقود كثيرة بنودًا تُلزم المستشارين والمستشارات بأداء "أي مهام ضرورية بشكل معقول" دون مقابل إضافي. ينتج عن ذلك:

  • ساعات عمل غير مدفوعة

  • عمل عاطفي وعلاقاتي

  • مهام غير متوقعة

  • توسّع غير معلن في نطاق العمل

تعكس هذه البنود ثقافة مؤسسية تقلل من قيمة العمل وتذيب الحدود المهنية. وتشبه الأنماط التي نراها داخل المؤسسات عند التعامل مع موظفاتها وموظفيها.

وتطرح هذه الشروط سؤالًا مهمًا:
هل يوفر العقد بيئة عمل مستدامة، أم يفترض وجود عمل غير مرئي وغير مدفوع؟


🏛️ ٤. قراءة الثقافة المؤسسية من خلال اللغة القانونية

تكشف العقود، بحسب تقييمات المركز للحوكمة والحماية، مؤشرات واضحة على ثقافة المؤسسة. تظهر هذه الثقافة في بنود مثل:

  • سلطة أحادية لتغيير نطاق العمل

  • إنهاء سريع دون إشعار كاف

  • مستويات مراقبة عالية

  • حقوق تدقيق واسعة دون مساءلة متبادلة

تعكس هذه البنود بيئة تقوم على السيطرة وتفاوت السلطة والخوف من المخاطر.

كما يظهر من خلال خبرتنا أن المؤسسات التي تعتمد خطابًا قائمًا على العدالة أو النسوية بينما تقدم عقودًا استحواذية غالبًا ما تعيد إنتاج هذا التناقض لاحقًا في التنفيذ والشراكات والحوكمة.

العقد هو الثقافة.


🧭 ٥. اعتماد إطار تفكيري عند اتخاذ قرار التقديم

طوّر المركز، من خلال خبرته، إطارًا يساعد على تقييم الدخول في التعاقد. وتشمل الأسئلة التي نستخدمها:

أ. هل يتيح العقد عملًا قائمًا على العدالة والتعاون؟
رفض إعادة إنتاج اختلالات السلطة خطوة أساسية.

ب. هل بنود الملكية الفكرية والمسؤولية عادلة ومتوازنة؟
إظهار احترام للمعرفة وللمسؤولية أمر جوهري.

ج. هل النطاق واضح وقابل للتنفيذ؟
الغموض في البداية غالبًا ما ينعكس إرهاقًا لاحقًا.

د. هل يحترم العقد خبرة المستشارين والمستشارات واستقلاليتهم؟
شروط المراقبة والسيطرة تكشف بيئات غير آمنة مهنيًا.

هـ. هل يدعم العقد الاستدامة طويلة الأمد؟
النمو الاستراتيجي يتطلب انتقاء التعاقدات لا تراكم الأعباء.


🚪 ٦. اتخاذ قرار الانسحاب كممارسة حوكمية

لا يُعد عدم التقديم خسارة، بل ممارسة تحمي:

  • الإرث المعرفي والمنهجي

  • الطاقة العاطفية والعلاقية

  • سلامة الأفراد والمؤسسات

  • الاستدامة المهنية

  • الالتزام بالممارسات القائمة على العدالة

تحدد العقود نبرة العلاقة. وعندما تتعارض النبرة مع القيم أو طرق العمل، يصبح الانسحاب دليلًا على الوضوح لا على التردد.


🌱 خاتمة

تُظهر خبرة المركز في الحوكمة، والحماية، والثقافة المؤسسية حقيقة ثابتة:
القيم ليست ما تعلنه المؤسسات — بل ما تجسده في عقودها.

تكشف العقود توزيع السلطة، وشروط العمل، ومكانة المعرفة. وفي كثير من الحالات، تشكل أول ممارسة حوكمية تُظهر الواقع الفعلي.

يبدأ اتخاذ القرار الاستراتيجي، بالنسبة للمستشارين والمستشارات والشركات الصغيرة، ليس عند تنفيذ العمل بل عند قراءة شروط التعاقد.


📩 دعوة للتواصل

يدعم المركز المؤسسات في تطوير ممارسات تعاقدية عادلة، وهياكل حوكمة تشاركية، وأنظمة عمل قائمة على الرعاية والمساءلة والمسؤولية المشتركة.

ندعوكم للتواصل لاستكشاف سبل التعاون.

 

تواصلوا معنا

لديكم أسئلة؟ أفكار؟ رغبة في التعاون؟ نحن هنا ونحب أن نسمع منكم، فلا تترددوا في مدّ جسور التواصل!

"

"