Large Image Medium Image Small Image

أصبح مصطلح التوطين كلمة متداولة في مجالات التنمية وحقوق الإنسان والعمل الإنساني. فهو يعد بتحويل الموارد والسلطة والقيادة إلى الفاعلين-ات المحليين-ات، بما يجعل العمل أكثر عدلًا واستدامة. لكن خلف هذا الخطاب يبرز سؤال جوهري: هل يحدث التوطين فعلاً، ولصالح من؟
بحث حديث أجراه مركز التنمية والتعاون عبر الأوطان (CTDC) مع سما للتنمية، نادي رأس بعلبك، مجموعة الأبحاث والتدريب للعمل التنموي (CRTDA)، برنامج القوة النسوية من أجل حقوق النساء الاقتصادية، وأنا أستطيع، استقصى كيفية فهم وممارسة التوطين. ما خلص إليه لا يقتصر على لبنان، بل يعكس واقعًا عالميًا: الالتزامات موجودة على الورق، لكن أنماط التمويل واللغة والسلطة ما زالت في معظم الأحيان كما هي.


📚 ما الذي نعنيه بـ "التوطين"

التوطين ليس مجرد تفويض للمهام أو تقليص لدور المنظمات الدولية. بل هو تحويل للعلاقات. وقد وصفه المشاركون-ات في بحثنا بأنه:

  •  تمكين وقيادة مشتركة

  • تمويل مباشر ومرن للمنظمات القاعدية

  • القدرة على التكيّف مع السياقات المحلية

  • تثمين المعرفة والخبرة المحلية

  • بناء شراكات طويلة الأمد قائمة على الثقة

بمعنى آخر: التوطين يعني نقل السلطة، لا مجرد نقل المسؤوليات.


⚠️ العوائق التي تجعل التوطين خطابًا أكثر من ممارسة

تظهر عبر مختلف السياقات مجموعة من التحديات المشتركة:

  • تدفقات التمويل: ما زال معظم التمويل يمر عبر منظمات وسيطة دولية. المنظمات الأصغر غالبًا ما تُقصى بسبب متطلبات الامتثال المعقدة والقيود الصارمة على النفقات التشغيلية.

  • هرمية اللغة: تهيمن الإنجليزية والفرنسية على عمليات التمويل والتنسيق، ما يهمّش المنظمات التي تعمل بلغات محلية ويعيد إنتاج النخبوية.

  • شراكات غير متكافئة: غالبًا ما يُنظر إلى الفاعلين-ات المحليين-ات كمقاولين-ات من الباطن بدلًا من قادة. المساءلة تتجه صعودًا نحو المانحين-ات، وليس نزولًا نحو المجتمعات.

  • السياسات العالمية: أولويات المساعدات تتأثر مباشرة بالأجندات الجيوسياسية والانتخابات والحروب، أكثر مما تستجيب لاحتياجات الناس على الأرض.


🧩 واقع التوطين اليومي

حتى عندما يُعلن عن التوطين، يصف الفاعلون-ات المحليون-ات أعباء غير مرئية يتحمّلونها:

  • التفاوض مع مانحين يفرضون نماذج “مقاس واحد يناسب الجميع”.

  • تحمل عبء العمل العاطفي والعلاقي المطلوب لبناء الثقة مع المجتمعات.

  • خسارة الكوادر لمنظمات دولية تقدم رواتب وعقود أفضل.

كما قال أحد المشاركين في الدراسة: "المانحون يعيشون على كوكب آخر، لا يفهمون سياقنا. يطبقون أجنداتهم المنفصلة عن الواقع".


🛠 مبادئ للتوطين الفعلي

للانتقال من الخطاب إلى الممارسة، ينبغي إعادة تعريف التوطين عبر مبادئ نسوية ومناهضة للاستعمار:

  • تمويل مباشر ومرن وطويل الأمد: يغطي التكاليف التشغيلية والهيكلية.

  • مساءلة متبادلة: تجعل المنظمات الدولية خاضعة بدورها للمساءلة أمام المجتمعات المحلية.

  • عدالة لغوية: عبر التقارير باللغات المحلية، وتبسيط الدعوات، وضمان الترجمة في مساحات التنسيق.

  • ربط حقيقي بالسياق: رفض النماذج الموحدة وربط البرامج بالتاريخ والسياسة والواقع الاجتماعي.

  • تحولات في السلطة: تتيح للفاعلين-ات المحليين-ات تحديد الأولويات بدلًا من تنفيذ أجندات خارجية.


🌱 الخلاصة

يبقى التوطين اليوم في الغالب خطابًا أكثر منه ممارسة. لكن لا يجب أن يبقى كذلك. تظهر نتائج البحث أن الفاعلين-ات المحليين-ات يعيدون بالفعل تعريف التوطين، ليكون أداة للعدالة والإنصاف والاستدامة، لا مجرد شعار للكفاءة.

ولكي يصبح التوطين ذا معنى، لا بد من تفكيك الإرث الاستعماري وعلاقات القوة العالمية التي ما زالت تؤثر على العمل التنموي والإنساني. عندها فقط يمكن أن ينتقل التوطين من الرمزية إلى التحوّل الحقيقي.



👈لقراءة التقرير كاملاً  
 

تواصلوا معنا

لديكم أسئلة؟ أفكار؟ رغبة في التعاون؟ نحن هنا ونحب أن نسمع منكم، فلا تترددوا في مدّ جسور التواصل!

"

"